الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة امتحــــــــــان للديمقراطيــــة ولمدى جدارتنا بالحرية !

نشر في  17 ديسمبر 2014  (13:46)

علّق الشعب التونسي آمالا كبيرة بعد الثورة، وكان ينتظر أن تتحقّق مطالبه في الشغل والكرامة والحريّة.. كانت الآمال كبيرة بكبر حالة البؤس التي عاشتها الطبقات المهمّشة في المناطق المحرومة التي عانت من الفقر والخصاصة، ولكن كل هذه الآمال ذهبت جميعها أدراج الرياح وتبيّن أن الشعارات والوعود التي أطلقها السياسيون كانت واهية وزائفة، وظلّت تراوح مكانها ولم تتحرّك قيد أنملة إلى الأمام، فبقي الحال على ما هو عليه واكتشفت هذه الشريحة أن هذه الشعارات التي صدرت من «الحُكَّام» الجدد لم تُخلّصها من واقعها البائس وفقرها المُدقع، بل ازدادت بؤسا وفقرا وحرمانا واقتنعت بأن ما تعرّضت إليه يكاد يكون عملية تحيّل سياسي، واكتشفت أنه وقع توظيفها وتوظيف أوضاعها الاجتماعية لصالح آحزاب وأطراف كانت تتصارع على السلطة والثروة، وكان همّها الوحيد الوصول إلى الحكم حتّى ولو كان ذلك على حساب معاناتهم وبُؤسهم وفقرهم..
لقد أثبتت الأيام أن صراع السلطة عندنا افتقر ولا يزال لكل قواعد الأخلاق وتم توظيف أرواح البشر ومصير الوطن كأدوات أو وقود لتحقيق المصالح والمكاسب السياسية تحت شعار «الغاية تبرّر الوسيلة».. فعادت نعرة الجهويّات وقسّمت البلاد بين كافر ومسلم، وشمال وجنوب، وعلماني واسلامي ودخلنا في حروب كلامية وعداوات مُعلنة دخلت حتّى البيوت التونسية من خلال وسائل الإعلام المرئية التي كشفت لنا قمّة الحقد والكُره والعداوات التي يكنّها عدد من السياسيين لبعضهم البعض..
اليوم، وبعد أن أنكشفت اللعبة وسقطت ورقة التوت واستفاق الشعب على صدمة الوعود الزائفة والشعارات الفضفاضة الرنّانة التي تحدّثت عن الحرية والكرامة والديمقراطية والتشغيل، بات من الضروري الإنتباه والحذر من المستقبل خصوصا بعد ان أصبح مصيرنا بأيدينا لتعُود السلطة إلى الشعب دون غيره، يختار من يرأسه ويمثّله ولا يتردّد في مراقبته ومُحاسبته حتّى لا يتكرر سيناريو السنوات الأخيرة التي كانت نتيجتها ازدياد في نسبة البطالة وارتفاع في وتيرة الفقر وتراجع في المقدرة الشرائية وانتشار غير مسبوق للأوساخ والأوبئة والأمراض مع انهيار للدينار وتفاقم للإرهاب وغياب للأمن والسلام والإستقرار.. حصيلة تثير من الخوف والقلق أكثر مما تبشر بالأمل والتفاؤل، ولو أنه لا يمكن في المقابل أن نتجاهل مكاسب حصل عليها التونسيون، كزيادة الوعي السياسي وامتلاكهم القدرة على إسقاط السياسيين المستبدين بالسلطة وهو ما يمثّل رسالة واضحة للحكام الجدد مفادها أن الشعب كسّر حاجز الخوف، ولو أن كسر حاجز الخوف هذا أدّى في العديد من الأحيان الى حالة من الانفلات والتطاول على القانون والدولة.
إن المرحلة التي تمرّ بها بلادنا وحساسيتها دفعت بي في العديد من المناسبات للحديث عن الشأن العام أكثر من التركيز على الرياضة وكرة القدم، ذلك الإهتمام بمشاغل الناس ومواكبة اهتماماتهم والتعليق على ما يحدث سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في البلاد هو أمر على غاية من الآهمّية لأنه لن يكون هناك مجالا للإستمتاع بالكرة أو الفن والبلاد تعيش الإحتقان والعنف يستشري في كل مكان والإرهاب يضرب ويُرعب ويُهدّد كل ما هو جميل في الحياة، بل يهدد الحياة بأكملها.. يوم الأحد سيكون الشعب التونسي على اختلاف مشاربه وحساسياته وانتماءاته الرياضية والسياسية على موعد مع التاريخ ليختار رئيسه، ولاشك أن الرياضيين سيكونون طرفا فاعلا وشريكا أساسيا لإنجاح العملية الإنتخابية خصوصا وأن أكثر من نصف الشعب من الشباب وأكثر الشباب يعشق الرياضة ويتابع الرياضة ويرنو إلى مستقبل رياضي واجتماعي واقتصادي مشرق..
ولاشك في أن كل مواطن سيصوّت حسب قناعاته ورُؤيته وبرامج المرشح الذي اختار التصويت له، تلك هي اللعبة الديمقراطية وذلك الذي يجب أن يكون، ولكن حبا للوطن وحفاظا على الوحدة الوطنية وتجنبا للإحتقان.. نرجو ونتمنّى أن تتمّ العملية في سلام وفي إطار عال من المنافسة الشريفة والإحترام المتبادل حتّى نُعطي صورة عن درجة الوعي التي بلغها الشعب التونسي وعن جدارته بالحرية والديمقراطية، أمّا خلاف ذلك فستكون الطامة الكبرى..

بثلم : عادل بوهلال